الخميس، ١١ يناير ٢٠٠٧

ص 9 رسم صورة المرأة الحزينة فى قصص محمود البدوى

قصة لاتباع

كان الرسام يجلس فى الفراندة والظلام مخيم ورأى فى البيت الملاصق له امرأة ..
ويقول
" تتحرك فى غرفتها .. وكان المصراع الأيسر من النافذة هو المفتوح .. وكانت ترتدى ملابس سوداء وعلى رأسها طرحة قد أدارتها حول جيدها وأسدلتها على صدرها .. وبدا وجهها فى هذا السواد متألقا كالمصباح .. وكانت كأنها عائدة من حفلة حداد أو تعزية .. فى ميت ..

وأخذت تروح وتجىء فى الغرفة وهى بكامل ثيابها .. ثم أخذت تتجرد من ملابسها قطعة قطعة ..

ولعلها كانت مطمئنة تماما إلى أنه لا أحد يراها .. لأنها تمهلت وهى تفعل ذلك .. وبقيت مدة طويلة وهى بملابسها الداخلية ..

ثم جلست على حافة السرير وأخذت تخلع الجورب .. وكان " سعيد " يرى أناملها وهى تتحرك فى لين .. على ساقيها .. وأعجبه قوامها الممشوق وفتنة جسدها .. واحتفاظها بنضارتها وشبابها مع أنها تجاوزت الثلاثين .

وتأملها فى محاسنها .. وكانت طويلة القامة ممشوقة الجسم .. سوداء الشعر .. ملفوفة الساقين والفخذين .. صغيرة القدمين .. وكان وجهها طويلا وأسنانها بيضاء جميلة .. وكانت عيناها سوداوين ناعستين .. فيهما كل مفاتن المرأة المصرية .

وسر لهذا الوجه الأبيض الجميل الذى يلبس الطرحة ويرتدى السواد .. وتمنى لو تكـون موديلا له .. ونام وصــورة هـــذه المرأة فى مخيلته ..".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ قصة لا تباع ـــــــــ نشرت فى م . الجيل الجديدة 20121954
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

· قصة " المفتاح "

ذهب الراوى فى ليلة شتوية إلى بيت صاحبة ليقدم العزاء فى وفاته وجلس فى الصالة وكان باب غرفتها مفتوحا ..

ويقول :
" وأحس بها وهى رائحة وغادية فى الغرفة فى ثوبها الأسود محلولة الشعر ، مهدلة الثوب ، غير عابئة بزينتها كأنثى فى رونق شبابها ..

ثم رآها تجلس منحنية على الكرسى الوحيد فى الغرفة ، وهى تنشج ، وسمع بكاءها ونشيجها ، وشاهد وهو جالس تقلصات جسمها وتشنجه ، ولكنه لم يستطع أن يدخل عليها الغرفة ويفعل شيئا لاسكاتها ..

وأدرك أن " الشغالة " أخبرتها بحضوره فأثار هذا ذكرياتها وشجنها ، أثار عواطفها وأطلق أحاسيس قوية كانت محبوسه ..

كان الباب الموارب يسمح له بأن يراها بكل جسمها ، وهى منثنية على الكرسى ، طاوية جزعها ، ودائرة برأسها نصف دورة حتى لاتراه ..

ولكنها فى غفلة منه وضعت على رأسها شالها .. فعرف أنها نهضت وتناولت الشال ثم رجعت إلى مكانها دون أن يشعر بها ..

ورغم الجلسة المنثنية والتى تبدو غير مريحة على الاطلاق .. فقد بدت قامتها الطويلة وبدت رشاقة جسمها ، ودوران كتفيها ، وامتلاء صدرها الذى كان الثوب الصوفى يغطيه بقوة ويضمه ولكنه لايخفى تقاطيعه ومفاتنه ..

وظهر الجيد أبيض ناعما ، فقد انحسر الشال الأسود عن شعرها الفاحم ، وعن عنقها فى لحظة غير واعية من لحظات الانفجار الحسى ..

وأبصر أنها تلفتت تجاهه ورأته ثم حولت رأسها على عجل بحركة انثوية عفوية تفعلها الأنثى بالغريزة فى ساعات الحزن العصيبة ..

وانتصبت تتمشى فى الغرفة تروح جيئة وذهابا ..

وفى أثناء هذه الحركة الرتيبة التى كررتها دون ملل عشرات المرات ، غطت بالشال شعر رأسها الأسمر المتموج كله وأذنيها الصغيرتين ، وجيدها ونصف خديها ..

ولمح فى ساقها جوربا أسود طويل العنق ، يصل إلى الفخذين ، وينثنى هناك طيتين ثم يترك لون المرمر ونعومته فى نصف دائرة كاملة .. ويتيه بعدها البصر فى سواد الحرير المنحنى ونسجه ..

ووضعت فى القدمين حذاء أسود مطفى اللمعان .. وكانت قد خلعت فردة من الحذاء أثناء مشيها فى داخل الغرفة .. ثم جلست لتلبسها .. وواجهته هذه المرة بوجهها الشاحب وعينيها المخضلتين بالدمع ..

ومسحت عينيها بمنديل صغير طوته كثيرا حتى تكرمش وخطفت نظرة فى المرآة ثم خرجت إليه متثاقلة تمسك رأسها وعبراتها .. "
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة المفتاح ــــــــــــــــــ ص . المساء 1821965
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قصة " الرسالة "

ويصف الراوى حال الزوجة التى جلست فى البيت فى انتظار عودة زوجها الذى ذهب إلى ميدان القتال فى حرب اكتوبر 1973
ويقول :

" وبعد ساعة دخلت الحمام .. وخرجت معطرة ، محلولة الشعر ، بادية النضارة .. وجلست فى غرفتها أمام المرآة تتزين وتمشط شعرها ..

ثم انتقت أجمل ثيابها .. ثوبا مخمليا يبرز تقاطيع جسدها ، وكل ما فيه من فتنة .. وجلست على حافة السرير ، ترتدى جوربا من النيلون فى لون بشرتها .. ومدت قدمها الصغيرة وساقها الجميلة ..

وبدت الساق عارية وملتفة وفى لون اللبن الممزوج بالعسل المصفى .. وغطت هذه النعومة حتى الفخذ بجورب ثم تناولت الثانى .. وعندما دق جرس الباب توقفت تتسمع وأصابعها ضاغطة على الفخذ الدافىء .. ثم واصلت رفع الجورب بعد أن أدركت أن الصوت لايعنيها وأن الشغالة تحادث الجارة ..

ثم لبست حذاءها ووقفت أمام المرآة .. وكانت النافذة مفتوحة على نهار جميل .. فحركت أنفاس الهواء شعرها .. ونضرت وجهها ، وأجرت الدم فى شفتيها .. والبريق فى عينيها ورأت الثوب المخملى قد حدد خطوط جسمها .. الوركين .. والخصر .. وبروز الصدر ..

وتنفست الصعداء .. وجلست فى الشرفة تتطلع إلى الطريق ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ قصة الرسالة ـــــــــــ م . الثقافة عدد يناير 1974
نشرت القصة على الرابط
http://arabicstory1908.blogspot.com/2006/12/1973.html

ليست هناك تعليقات: