الخميس، ١١ يناير ٢٠٠٧

ص 2 المرأة الشرقية فى قصص محمود البدوى

وفى قصة "جسد وفنان

يصف امرأة تجلس فى الأتوبيس على مقعد قريب منــه .. فيقول

" شعرت بنسمة معطرة تهب علىّ من النافذة الصغيرة التى بجوارها ،ورأيت نفسى أنظر إليها ولا أتحول عنها .... رفعت وجهها ونظرت إلىّ .. والتقت عيناى بعينيها ، وكانتا بسامتين ساجيتين ، ثم عادت تنظر من النافذة بعد أن ضمت ملاءتها السوداء على نحرها العاجى ..

كانت جالسة .. وجسمها كله ملفوف فى ملاءتها السوداء ، ولكن الفتنة الطاغية كانت تطل من هذا
الجسم المتدثر بالسواد ، أكثر مما تطل من العينين الدعجاوين ، والوجه المليح القسمات
*****
قصة جسد وفنان ــــــــــ ص . السوادى 162
1948
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
· قصة " العذراء والليل

يصف فتاة ركبت قطار الصعيد ، وبعد أن ودعت مودعيها من النافذة ، عادت وجلست مكانها :

" ونظرت إليها وهى جالسة وقد غضت من طرفها ، وعلت وجهها السحابة التى تعترى من يفارق عزيزا .. .. ووجدت شيئا فى الفتاة يجذبنى اليها .. فأخذت أنظر إليها وهى مستغرقة فى المطالعة .. كانت فى سن العشرين ، أو أكثر قليلا .. طويلة القامة ، رشيقة الجسم ، بيضاء اللون .. وقد أثرت فيها شمس الصعيد قليلا فأكسبتها سمرة خفيفة .. وكانت ترتدى جونلة رمادية ، وقميصا أبيض أبرز تقاطيع جسمها كله .. وتلبس جوربا ورديا خفيفا ، وحذاء فى لونه .. وكانت وهى جالسة مستريحة بكتفيها على ظهر المقعد ، قد ضمت ساقيها قليلا فظهر انسجامهما وفتنتهما ..

وكان وجهها الأبيض مستطيلا ، وفى شفتها السفلى اكتناز ظاهر وانثناء بارز فى الذقن الصغيرة .. وكانت أهدابها تلقى الظلال الخفيفة على خديها الموردين .. وقد ابتدأ يعلوهما غبار السفر ..

وكانت تزيح خصلات شعرها الأسود الناعم عن جبينها وتقلب صفحات المجلة بأناملها الجميلة .. وشعرت وأنا أنظر إليها وهى مستغرقة فى المطالعة بالارتياح .. ونسيت كل مالقيته من متاعب .. ونسيت الحرارة والغبار ، وازدحام القطار .. ووقوفى أكثر من ثلاث ساعات على قدمى فى الطرقة .. وقد أقف مثلها حتى يبلغ القطار القاهرة ..

وكنت أود أن أرى عينى هذه الفتاة فى مواجهتى ، ولكنها كانت تنكس رأسها .. ورغم مظاهر العافية والانسجام فى الملبس ، فقد كان وجهها يعلوه شىء من السهوم .. أو الحزن .. كمن مسه شىء من الحياة ".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ قصة العذراء والليل ـــــ م . الجيل الجديدة 691954
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


· قصة " العزبة الجديدة "

يصف امرأة الخفير حينما شاهدها صاحب العزبة أول مرة ، وبعد أن واجهته بعينيها الخضراوين ووجهها الصبوح تركته ومضت .. فيقول :

" ورآها وهى تمضى مدبرة .. خفيفة الحركة رشيقة .. وشعرها يتدلى مضفورا وراء ظهرها .. وكان فى عنقها كردان من تراب الكهرمان الأصفر وعلى رأسها منديل مطرز .. وكانت أشبه بالعروس المجلوة ولكن بزينة طبيعية فلا أصباغ ولا الوان .. وكانت تتكلم بحرية .. دون كلفة كما علمتها الطبيعة ودون خجل .. لأنها ســافرة وتعمــل فى الحقل .. واعتــادت على مواجهة الرجــال

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قصة العزبة الجديدة ـ م . الجيل الجديدة 22111954

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة فى المتجر

كانت تمر أمامه فى صباح كل يوم وهى ذاهبة إلى العمل ، وتجلس أحيانا بجانب دكانه منتظرة افتتاح متجرها وهو مؤتنس ، بجلستها هذه يستقبل رزق اليوم من وجهها الصبيح ..

ويقول :
"كانت فى سن العشرين .. بيضاء سوداء الشعر فى نعومة .. جميلة تقاطيع الوجه .. لها عينان براقتان .. وأنف دقيق وشفتان رقيقتان حالمتان وكانت قامتها رشيقة وفى صوتها نعومة الريفيات وخجلهن .. وان لم تبرح القاهرة قط وتجيد إلى حد البراعة انتقاء ملابسها فى بساطة العاملة التى تحسن اختيار الأشياء بأرخص الأسعار .. " .

قام صاحب المحل بعمل حساب الإيراد اليومى ، اكتشف نقصه بعشرة جنيهات ، فقامت بسدادهم من جيبها وخرجت من المحل وهى ترتعش وعيناها تفوران بالدمع ..

ويقول :
" أصبحت تبغض صاحب المحل ، وكلما اقترب منها .. تحس بأصابعها ترتعش على الآلة الأتوماتيكية كانت عيناها تحدثانها بما فى أعماق نفسه من خساسة .. وكان قد طلب منها ذات مرة أن يوفر عليها مشقة ركوب الأتوبيس فى المساء ويوصلها بسيارته إلى بيتها .. ولكنها رفضت بأدب ....

ومن وقتها بدت الكراهية فى عينيه وأخذ يشيع الاضطراب والذعر فى نفسها ليحطمها ويجعلها تخضع لرغباته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة فى المتجر ــــــــ م . المجلة عدد يولية 1968
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

· قصة " صورة فى الجدار

يصف صديقته الرسامة التى دعته لزيارة مرسمها فى قصر الفنانين بالغورية .. ويقول
" كانت فى ثوب أرجوانى من قطعة واحدة .. مقصوصة الشعر .. عارية الساقين .. تلبس حذاء صيفيا تطل منه أصابع قدميها .. وجعلها هذا شبه حافية " .

وعندما رأته بعد أن فقدت الأمل فى مجيئه

" ضحكت واهتزت شفتاها القرمزيتان .. وبرزت أسنانها فى صفاء اللؤلؤ .. وظهر رضاب شفتيها .. واشتد سواد عينيها .. وبدا فيهما بريق خاطف امتد مع الضحك وتلألأ .."

وعندما طلب منها أن تصعد السلم أمامه لتدله على الطريق

" ظهر الخجل على وجهها واضحا وخفت الصوت .. وتضرجت الوجنات .. وبدا أنها تعانى من خفر طبيعى آسر .. .. فهذه حركة طبيعية من أنثى ناضجة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة صورة فى الجدار ـ م . الثقافة عدد نوفمبر 1977
نشرت على الرابط
http://arabicstory1908.blogspot.com/2006/12/blog-post_5117.html
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

· قصة " الغزال
يصف الراوى ريح الخريف وما تفعله فى النساء ..
فيقول :

" أخذت ريح الخريف تهب خفيفة ندية ، تداعب غصون الأشجار الصغيرة التى تحيط بالمحطة وترفع أطراف الفساتين الحريرية لكواعب من الحسان تناثرن كالورود الجميلة على رصيف محطة " سيدى جابر " فى انتظار القطار ..

وكانت الشمس مصفرة وضوؤها الغارب ينعكس فى نعومة على زجاج النوافذ .. والهواء الرقيق يداعب وجه " ثريا " الوردى فيفتح ثغرها قليلا ويحرك خصلات شعرها بمثل الرقة التى فيها .. ".

وغادرا المحطة وركبا الترام ، ويصفها بعد أن جلست على المقعد ..

فيقول :
" كانت ترتدى فستانا بنيا من قطعة واحدة ، يحتضن قوامها الرشيق ، ويبرز فى جلستها المستقيمة جمال ساقيها ، وامتلاء فخذيها ورقة خصرها واستدارة كتفيها ..

وكان وجهها الطويل أبيض خالص البياض ، فى نعومة كأنه ما وقعت عليه الشمس ولا غطس فى ماء البحر ..

وكان ظل ابتسامة يزحف على وجهها بين لحظة وأخرى ، ويكسر من فتحة عينيها المتألقتين فى سواد ممزوج بالاخضرار الخفيف ، الذى يذهب ويجىء كلما تفتحت النفس وجاشت العاطفة ..

وأخذ يتأملها فى سكون ويملأ عينيه من كل مافيها من حسن .. وكأنه يلامس بيده جبينها وعينيها وخديها وشفتيها .. .. وكانت أشعة الشمس قد سقطت من النافذة القريبة على عينيها ، فأغمضتهما وأبعدت وجهها بحركة خفيفة ، وأزاحت خصلة شعرها وامتلأ وجهها بالسكون ..

ومن خلال هزة للترام تحركت فيها أكتاف الركاب ، أشرق وجهها فى ابتسامة عذبة وظلت الابتسامة ترف حتى دخل الترام محطة الرمل ".

ويصف أم ثريا عندما ذهب لزيارتهما فى البيت ..

فيقول :
" وجاءت الأم وهى سيدة نحيلة فوق الخمسين ، وكانت ترتدى أسود وعلى وجهها الاكتئاب وسلمت عليه بيد ناعمة .. وعيناها الخضراوان تحدقان فيه جيدا كأنها تقارن بين الصورة التى كونتها عنه من حديثها مع ثريا وبين الحقيقة التى أمامها ..

وبدت فى فستانها الأسود عصرية مع وقار سنها ، فقد كانت مقصوصة الشعر متأنقة الزى فى انسجام رائع والحذاء فى لون الفستان .. والزينة خفيفة ولكنها بادية على الشفتين الحمراوين والخدين الأسيلين ..

وكانت عيناها لازالتا تتألقان بالبريق والسواد المائل إلى الاخضرار .. والعدسة الفاحصة فى استرخاء يطل منهما الحنان كله ..

وقد رأى أنها كانت جميلة فى شبابها بل فتنة بين النساء ".
ويصف ثريا وهى تسمع منه كلمات الاطراء ..

فيقول :
" واحمر وجهها قليلا وبدت فى عينيها رقة ساحرة .. وحنان دافق .. ونكست رأسها .. لتخفى كل الانفعالات التى تبدو على وجه العذراء وهى تسمع كلمات الاطراء الخفيفة ..

ويصف أحاسيسه ومشاعره حينما التقيا فى مكان على البحر ..
فيقول :

" وجاءت مع غروب الشمس فى جوف البحر .. وكأنها شمس أخرى تطل على الكون .. أو كأنها القمر الذى يطلع بعد غروب الشمس .. ولم تكن الليلة مقمرة ولكن قمرها كان يشع على البحر الهائج والجمال المحيط
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة الغزال ـــــــــــــــــــ م . المصور 771972
نشرت على الرابط
http://arabicstory1908.blogspot.com/2006/12/blog-post_1785.html
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

· قصة " القطار الانسيابى

وعن تأثير صوت المرأة فى الرجل يقول عن زوجة الرجل الذى استضافه فى بيته :

" كانت تستدعى زوجها بالتصفيق الخفيف .. والقرع الرزين على الباب فإذا ذهب إليها حادثته بصوت خافت أو بمجرد الهمس ..

وكان الصوت فيه أنوثة سخية ، كان من تلك الأصوات المغردة الشجية التى كان يستمع إليها من مذيعة إنجليزية اختبل بصوتها فى لندن .. وكان حريصا على سماعها كل صباح .. وكانت تحرك فيه عواطف جياشة يعجب لها ويحس بعدها بالنشاط والقوة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة القطار الانسيابى ـ م . الثقافة عدد نوفمبر 1974
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
· قصة " الرجل الأعزل

يصف سميرة هانم وهى جالسة تحت أشعة الشمس الغاربة فى حديقة منزلها بضاحية مصر الجديدة ..

فيقول :
" وكان الشعاع يتجمع عند خط الأفق ويكون لونا أرجوانيا أخاذا ، وكانت الصحراء ساكنة وهواء الصيف الرضى فى تلك الساعة من النهار يبعث السرور إلى النفس ، فأخذت سميرة هانم تستمتع بما حولها من جمال وفتنة ..

وكانت ترتدى فستانا بنى اللون قصير الأكمام مفتوح العروة .. وتضع فى رجليها حذاء مكشوفا برزت منه أصابع قدميها .. وقد طليت أظافرها بالأحمر .. وكانت لاتلبس جوربا فظهرت الساق العبلى فى كامل فتنتها كأنما صبها مثال قادر ..

وكانت عارية الرأس فانسدل شعرها على كتفيها وغطى جيدها .. وكانت وهى جالسة على كرسيها الطويل قد مدت ساقيها .. واضطجعت إلى الوراء قليلا .. وأغمضت عينيها نصف إغماضة كأنها تحلم " ..

ويصف الراوى حال المدرس حينما كان يأتى إلى البيت لإعطاء صغيرها الدرس :

" كان كلما وقع نظره عليها يحس برجفة شديدة تسرى فى بدنه ، فيجلس على كرسيه فى غرفة المكتب وأمامه ابنها وهو شارد صامت ، فإذا شرب القهوة رجع إلى نفسه ويبدأ الدرس ..

وكان يراها دائما فى ثياب بسيطة تكشف عن الذراعين والنحر ، وتنحسر عن الساقين ، فيحس بسياط حادة تلهب ظهره .. ويشعر بقلبه يضطرب وبحلقه يجف ..

كانت قصيرة القامة ، ريانة العود فى الثالثة والأربعين من عمرها ، خمرية لون البشرة ، سوداء العينين يتألق فيهما بريق آسر وهو بريق الرغبة المنطلقة من الجسم الممتلىء حيوية وفتنة ..

وكان شعرها أسود غزيرا .. ووجهها مستديرا .. وأنفها دقيقا وفمها بارز الثنايا .. وهنا تجتمع كل فتنتها " .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قصة الرجل الاعزل ـــ م . قصص للجميع عدد يونيو 1950


====================================

ليست هناك تعليقات: