فى قصة " امرأة أحلامى
كان الراوى يقيم فى بنسيون بمدينة الإسكندرية تديره سيدة أجنبية ، وسمع حركة أقدام تقترب من غرفته ووجه عينه ناحية الباب .. ويقول :
" ومر الظل أمام الباب أكثر من مرة .. كانت ذاهبة إلى المطبخ وعائدة منه ، وكانت تغنى فى رواحها ومجيئها بصوت أخذ بمجامع قلبى ، وأسر لبى .. لم أسمع صوتا أحلى من هذا الصوت .. لم تكن تغنى بلغة أعرفها ، ولكن الصوت كان موسيقيا ، واضح النبرات ، لين المخارج ، حلو الرنين .... يهفو إلىّ حلوا قويا .. وبعد الصوت عن سمعى ثم انقطع "
وخرج من حجرته فرأى صاحبة الصوت جالسة على أريكة بالقرب من الباب الخارجى .. ويقول :
" فتحول نظرى إليها وهى مطرقة .. وأخذ قلبى يزداد وجيبه .. ورفعت رأسها .. ورأيت وجهها الصبوح الفاتن لأول مرة ، وتشربت روحى من حسنه .. وتبادلت معها كلمات قليلة ، ووجهها فى خلال ذلك يحمر ، ويرف لونه ، ويزداد سحره " .
وأخذ يحادثها مرة أخرى .. ويقول :
" فتوردت وجنتاها .. وظهر عليها الحياء الذى بدا منها عندما قابلتها أول مرة .. وعاد إلى عينيها ذلك البريق الفاتن الذى يشاهد فى عينى العذراء قبل أن تنخرط فى البكاء ، أو تنخرط فى الضحك
*****
قصة امرأة أحلامى ـــــــــــ مجموعة فندق الدانوب 1941
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفى قصة " حياة رجل "
وعن امرأة أجنبية واعدت شاعرا شابا للحضور إليها فى الفندق الذى تقيم فيه لقراءة الشعر
ويقول
" وكانت فى انتظارى بغرفتها .. وكانت فى أبدع زينة .. وفى ثوب من المخمل الأزرق ، وقد زادها فتنة ، وأكسب وجهها سحرا فوق سحره .
وجلست على الأريكة ، وأجلستنى بجوارها .. وأخذنا نتحدث عن بيتهوفن ، وفاجنر ، وموزار .. ونقرأ شعر شيلى .. وكان صوتها رقيقا ، وحديثها عذبا ، وكنت مأخوذا بسحر جديد ، وجو غريب لم آلفه .. وشعرت بروحى تتشرب من رحيقها ، وبنشوة لذيذة تسرى فى كيانى كله ! ....
ونهضت .. وفتحت حقيبتها .. وأخرجت الديوان .. ووضعته على المائدة .. ثم وقفت أمام المرآة لحظات ، ومرت بيدها على جبينها وحلت شعرها .. فانسدل طويلا على ظهرها .. وكان أسود كالليل ، ومتموجا براقا كصفحة الغدير .. وكان أبدع شىء فيها ، وكانت تعرف تأثيره وسحره على صبى فى مثل سنى
*****
قصة حياة رجل ـــــــــ مجموعة الذئاب الجائعة 1944
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفى قصة " فى القطار
يصف رفيقته فى القطار وهو فى طريقه إلى كونستنزا .. فيقول :
" كانت السيدة التى ترافقنى فى السفر ، مضطجعة فى ركن من الديوان وقد فتحت كتابا .. ورفعت بصرى إليها ، ورأيت وجهها الدقيق وملامحها الساكنة ، والسواد الشديد الذى يبدو من عينيها ، وأدركت أنها رومانية أو بلغارية أو تركية ، فهذا الوجه بملامحه وسماته الشرقية ، لاتراه إلا فى هاتيك البلاد .....
كانت قد استراحت فى ركن من العربة ، وأغلقت عينيها .. رأيت هذه الأهداب الوطف ، تسبل على هاتين العينين الساجيتين .. وهذا الأنف الدقيق ، يتنفس فى هدوء .. وهذا الشعر الغزير الفاحم ينسدل على الجبين .. وهذا الجسم الممشوق يسترخى ، ويستقبل نسمات المساء اللينة فى كسل ظاهر .. كانت قد تركت جسمها يتمدد على حريته ، وحد طاقته .. دون أن تقيد نفسها بوجودى .. وكان القمر كلما تخلص من السحاب ، أراق ضوءه الفضى على وجهها ، فضرج وجناته ، وعلى شعرها فذهب حواشيه ! "
*****
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة " الخنزير
ويصف المرأة الأجنبية زوجة صاحب الشركة التى يعمل بها فى مدينة السويس .. فيقول :
"كانت منفردة وادعة تحب الطبيعة ومجاليها الرائعة .. تجلس فى النهار فى حديقة منزلها تطالع أو ترسم بعض اللوحات الفنية وفى الغروب تخرج بزورقها فى عرض البحر ..
كنت إذا رأيتها فى وسط الزورق ، وهى واقفة عند الدفة ، وقد حلت جدائل شعرها ، واستقبلت الشمس الغاربة بوجهها تحسبها حورية خارجة من البحر .. "
" رأتنى وهتفت بى فى صوت حلو .. فاقتربت .. وكانت واقفة فى وسط الزورق وقد القت مرساه إلى الشاطىء .. وكانت ترتدى بنطلونا أزرق وقميصا قصير الأكمام .. ووجهها يلمع وعليه آثار عرق كأنها كانت تعانى جهدا مضنيا .
*****
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
· قصة " دروس خصوصية
يصف الفتاة الأجنبية التى كانت تستقبل الطلبة فى بيت معلم اللغة الإنجليزية .. فيقول :
" وكنا نرى " لوسين " وهى رائحة وغادية فى البيت .. ترتدى الروب المفتوح وفى فمها السيجارة .. وقد حلت شعرها وتركته ينسدل على كتفيها .. وكانت تحدثنا مبتسمة وعيناها تلمعان .. وتسألنا عن مدى تقدمنا فى الدرس .. وتقلب فى الكتب التى بين أيدينا .. ثم تنساب فى خفة إلى المطبخ لتصنع القهوة ..
وكانت فى أيام الحر اللافحة .. تلف رأسها بفوطة مبلولة .. وتلبس قميصا قصيرا إلى مافوق الركبة..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــ دروس خصوصية ـــ م . الرسالة الجديدة 181954
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصة " القطار الأزرق
ذهب الراوى يركب القطار المتجه إلى ليننجراد ووصل قبل موعد السفر بمدة طويلة ووقف على الرصيف يرتعش من البرد ، فأشفقت عليه موظفة مسنة فى المحطة فأدخلته قاعة انتظار الضيوف ومعه فتاة فنلندية ، وهى غرفة فسيحة مكيفة ، وشعرا بالدفء والراحة ..
ويقول :
" وخلعت معطفى وغطاء الرأس والكوفية الصوفية ، وخلعت نادية معطفها وقبعتها وقفازها ..
وبدا شعرها الأسود مرسلا متموجا شديد اللمعان ، وتألقت عيناها بعد أن خلعت القبعة وزاد ما فيهما من صفاء ورقة ، وأسفرت عن فستان كحلى من الصوف جيد النسيج ، محكم التفصيل ، أضفى سحرا جديدا على بشرة فى لون المرمر ونعومته ، وزاد على الوجه نضارة وحسنا .
وقدرت سنها بما لايزيد على الثلاثين ، فقد بدت فى الجمال الآسر للمرأة عندما يكتمل عقلها وجسمها معا .. ويزداد بريق عينيها ، وتنفجر أنوثة وحيوية وهى تأخذ من الحياة قبل أن تولى عنها ".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
· قصة " الزورق المقلوب "
كان الراوى فى مدينة وهران بالجزائر وتقابل صدفة مع والد تلميذته الطالبة بالجامعة واتفق معه على قضاء يوم جميل على شاطىء البحر ..
وفى اليوم المتفق عليه ، تقابل معه وركب سيارته ومر على البيت ، وصعد إليه ، ونزلتا معه " زبيدة " ومربيتها السوداء " صالحة " وكانت
" فى برنس أزرق زاهى اللون يضفى انعكاسا باهرا على تقاطيع وجهها الجميلة .. وكانت لفاء العود متناسقة التركيب .. وعيناها الواسعتان تلمعان فى وهج أخاذ ..
وقبل أن تدخل فى جوف السيارة ألقت على شخصى نظرة سريعة ولكنها فاحصة ..
أما " زبيدة " فكانت تلبس برنسا أبيض .. وقد غطت وجهها وشعرها ، إلا من حيث يبرز جزء من الأنف ، وتبرز العينان البنيتان .. ولولا رنة صوتها ، والابتسامة المشعة من عينيها ، لعرفتها بعد لأى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ قصة الزورق المقلوب ــ م . الثقافة عدد ديسمبر 1976
نشرت على الرابط
http://arabicstory1908.blogspot.com/2006/12/blog-post_4655.html
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
· قصة " الجعران
يقول الراوى عن فتاة صغيرة قابلها فى فندق ليننجراد وجلست بجانبه :
" كانت ترتدى جونلة وبلوزة من الصوف الغامق من لونين مختلفين ، ولكن فى انسجام .. وكانت الجونلة قصيرة ، كزى كل الفتيات الأوربيات فى سن الثامنة عشرة .. فبدت بجانبى نصف عارية بفخذيها الممتلئتين .. وفى بياض اللبن الخالص ونعومة الديباج .. كانت ملتهبة الوجنتين محلولة الشعر .. والشعر أسود .. والعينان واسعتان جميلتان فى بريق أخاذ ولون سنجابى مشع ..
وكانت شفتاها الرقيقتان ترسمان حلم فتاة تنعم بالحياة البهيجة والسعة فى الرزق "
ويقول عن أم الفتاة
" كانت طويلة مثل طولى وأطول من زوجها الطيب وأطول من ابنتها .. وجسمها الرشيق بكل ما فيه من جمال وفتنة قد طواه رداء عنابى من قطعة واحدة ..
وكان الجورب ورديا خفيفا ارتفع إلى نصف الفخذ وأبرز ساقين مخروطيتين .. كأنما صنعهما ميكائيل انجلو وهو فى ساعة تجل وفى قمة براعته .. ثم قطعت بعدها ذراعه ـ كما قطعت يد سنمار ـ حتى لايصنع بعد هذا الجمال شيئا مثله أبدا ..
وعندما خلعت قبعتها الزرقاء ومعطفها شممت رائحة البنفسج من شعر طويل متموج وفى سواد الأبنوس النقى وبريقه ..
ونظرت إلى يديها وأصابعها الطويلة الدقيقة وأنا من فرط الصفاء أرى الدم يجرى فى الشرايين الصغيرة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ قصة الجعران ـــــــــ م . الثقافة عدد يونيو 1974
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ